لاغتيال الاقتصادي للأمم
تأليف:جون بركنز، ترجمة: مصطفى الطناني – عاطف معتمد، القاهرة: دار الطناني، 2008
الكتاب شهادة لأحد أولئك الرجال المحترفين الذين يرتدون ملابس فاخرة وينتقلون عبر العالم في رحلات فارهة ويتقاضون أجوراً فلكية من أجل نهب بلايين الدولارات من دول عديدة في سائر أنحاء العالم.
يأخذ أولئك الرجال المال من البنك الدولي، وهيئة المعونة الأمريكية وغيرها من مؤسسات المساعدة ويحولونها بطرق مراوغة إلى الشركات الكبرى، لتوجد عدداً من العائلات الثرية التي تسيطر على الموارد الطبيعية للكرة الأرضية.
المؤلف (جون بركنز), هو واحد من أشهر الخبراء الاقتصاديين, والذي أمضى عمره في خدمة نظام الاغتيال الاقتصادي للشعوب كما جاء في كتابه، والكتاب صفحات من الاعترافات المفجعة والمخجلة. يصف المترجمان المؤلف في مقدمتهما بأنه شارك في خدمة ممارسات نخبة رجال الأعمال والسياسة في الولايات المتحدة لبناء إمبراطورية عالمية يسيطر عليها حكم منظومة الشركات الكبرى الأمريكية.
(إن بركنز يحدد دوره مثل أقرانه من صفوة الخبراء في الشركات الاستشارية الأمريكية الكبرى في استخدام المنظمات المالية الدولية لإيجاد ظروف تؤدي إلى خضوع الدول النامية لهيمنة النخبة الأمريكية التي تدير الحكومة والشركات والبنوك).
ويضيفان: أما المثير في اعترافات بركنز فهو تأكيده أن مقياس نجاح الخبير يتناسب طردياً مع حجم القرض بحيث يجبر المدين على التعثر بعد بضعة سنوات, وعندئذ تبدأ عملية فرض شروط الدائن التي تتنوّع من الموافقة على تصويت ما في الأمم المتحدة, والسيطرة على موارد معينة في البلد المدين, أو قبول وجود عسكري به, وتبقى الدول النامية بعد ذلك كله مدينة بالأموال, ولكن في ظل الهرم الرأسمالي الذي تشكل أمريكا قمته حسب التلقين الذي يتلقاه الخبراء باعتباره واجباً وطنياً ومقدساً.
ويقول المؤلف (وصلت مديونية العالم الثالث إلى 2.5 تريليون دولار, وبلغت مصروفات خدمة هذه الديون 375 مليار دولار سنوياً في عام2004, وهو رقم يفوق ما تنفقه كل دول العالم الثالث على التعليم والصحة, ويمثّل عشرين ضعفاً لما تقدّمه الدول المتقدمة سنوياً من مساعدات خارجية). ويتابع اعترافاته بأنه وزملاءه قد نجحوا في دفع الإكوادور نحو الإفلاس, فخلال ثلاثة عقود ارتفع حد الفقر من50% إلى 70% من السكان, وازدادت نسبة البطالة من15% إلى 70%, وارتفع الدين العام من240 مليون دولار إلى 16 ملياراً, وتخصص الإكوادور قرابة نصف ميزانيتها لسداد الديون, ولم يبق أمام الإكوادور سوي بيع غابات الأمازون الغنية بالبترول لشركات البترول الأمريكية, والصفقة مخيفة من كل مائة دولار تحصل عليها الإكوادور من البترول تحصل الشركات الأمريكية على 75 دولاراً ويبقى 25 دولاراً تخصص 75% منها لسداد الديون, ويبقي الفتات لكل شيء.